هذا أمر لا يصدق، ولكن الإنسان لا يستطيع فهم نفسه بالكامل، مع أنه من المتفرض أن يكون الإنسان هو الأقدر – من غيره - على فهم ما يدور بداخل عقله.
الحقيقة
كانت مفاجأتنا كبيرة عندما اكتشفنا أن فريقاً من العلماء توصل لقراءة ما يدور داخل عقل الإنسان، وبأنه يتمتع بقدرة التنبؤ بتصرفاتنا أفضل منا! ليس هذا خرافة، ولكنه درب من دروب العلم الخالص.
يتبع هذا الفريق "جامعة كاليفورنيا بمدينة لوس آنجلوس"، ويقوده العالم "إيميلي فوك". وقد قام هذا الفريق بدراسة رسومات بالأشعة للعقل لفهم تصرفات الإنسان. وقام بتصوير المخ في الوقت الحقيقي ثم محاولة تفسير ما تم تصويره، وذلك أثناء قيامه بعرض رسائل بسيطة تتعلق بموضوع الشاشات الشمسية لمجموعة من الأشخاص. ثم قامو بتحليل صور المخ التي حصلوا عليها. وبناءً على هذه الصور، استطاع هؤلاء العلماء تعيين الأشخاص الذين يستخدمون هذا النوع من الشاشات الشمسية.
تمت مقارنة هذه الاستنتاجات مع إجابات الأشخاص الذين خضعوا للتجربة. فما كانت النتيجة؟ جاءت تكهنات العلماء شديدة الدقة! فكيف حدث ذلك؟ على ما يبدو أن الإنسان يقرر في عقله القيام بالكثير من الأشياء، دون أن يقوم بها فعلياً. فمن بين العشرين شخصاً الذين خضعوا لهذه التجربة وكانوا يأملون في شراء شاشات شمسية، قليلون هم الذي قاموا بالفعل بشرائها واستخدامها.
أسس "إيميلي فوك" وفريقه نتائجهم هذه على تصوير نشاط العقل بالرنين المغناطيسي، إذ قاموا بقياس تدفق الدم داخل العقل والمجالات المغناطيسية التي بينت الأماكن الأكثر نشاطاً في العقل أثناء وقت القيام بالتجربة. ووجدوا نشاطاً قوياً ومتزايداً في منطقة معينة من المخ – موجودة بالتحديد بالفص الأمامي من المخ وهي مرتبطة بالوعي لدى الإنسان - مما أتاح لهم تفسير المعلومات التي جمعوها بدقة.
أشار نصف الأشخاص الخاضعين للتجربة تقريباً بأنهم سيستخدمون الشاشات الشمسية، ولكن "فوك" وفريقه استطاعوا أن يتكهنوا بأن ثلاث أرباع هؤلاء الأشخاص لن يقوموا باستخدام هذه الشاشات مطلقاًً. وربما يمكن تطوير هذه الدراسة للاستفادة منها في إقناع المدخنين بالإقلاع عن عادة التدخين السيئة.