من أسباب الحلف: الحلف ينشأ غالباً لأسباب سياسية كاختلاف التكوينات والقوى في المنطقة، أو لأسباب اجتماعية كضعف القبيلة، أو قلتها، أو هجرة أغلبها من المنطقة، أو لسبب جغرافي مثل الجوار، فمن تلك الأسباب:
1 -
عند قيام قبيلة أو عشيرة بحرب قبيلة أكبر منها، أو ردّهم فإنهم قد يضطرون إلى الاعتضاد والتقوّي بعشائر أخرى لمواجهة هذه الحرب، وقد يستمر هذا الحلف، وقد ينتهي بانتهاء الحدث، وقد يحصل ذلك من الطرفين، ومن الأمثلة على هذا السبب كحلف
2 -
عند هزيمة قبيلة أو كيان قبلي في حرب أو حروب متوالية، فقد تحصل هزيمة قاصمة تحمل هذه القبيلة المهزومة إلى الرحيل فيبقى منهم بقية ضعيفة تحتاج إلى الاحتماء والتقوّي فتضطر إلى الدخول في قبيلة أكبر منها.
وقد تدخل قبيلة أو عشيرة في قبيلة أخرى اتقاء لسطوتها وإغارتها، كأن تغير قبيلة أو كيان قوي على مناطق تعيش فيها قبائل ضعيفة لا تستطيع مقاومتها، فتنضوي تحت لوائها، وتأتمر بإمرتها لكفّ ضررها عليهم، ولا شك أن في هذا الأمر مصلحة للقبيلة القويّة، لأن دخول هؤلاء وغيرهم في كيانهم سيكثر من عددهم وسيزيد من قوتهم.
قال البكريّ (فلما رأت القبائل ما وقع بينها من الاختلاف والفرقة، وتنافس الناس في الماء والكلأ، والتماسهم المعيش في المتسع، وغلبة بعضهم بعضاً على البلاد والمعاش، واستضعاف القوي الضعيف، انضم الذليل منهم إلى العزيز، وحالف القليل منهم الكثير، وتباين القوم في ديارهم ومحالهم، وانتشر كل قوم فيما يليهم)
3 -
قد يحصل الحلف لسبب جغرافي واقتصادي في آن واحد، وذلك عند نزول عدة عشائر، أو على منطقة واحدة فتجمعهم المنطقة فيتكوَّن كيان باسم جديد. أفخاذ ومن ذلك أيضاً هجرة القبيلة أو العشيرة من مكان إلى مكان، ونزولها في مكان تسيطر عليه قبيلة أخرى فيحصل بينهم التداخل والحلف، ويشابه ذلك أيضاً الجوار قد يكون سبباً للحلف
4 -
قلة عدد العشيرة أو القبيلة في ظل تلك العصور القاسية التي تعتمد فيها بعض القبائل على الحرب والسلب، فلا شك أن قلة عددها سيجعلها تذوب في كيانات أخرى، ويحصل هذا كثيراً بين أبناء العمومة القريبين، فتجد الإخوة إذا اشتهر فيهم رجل قد يُنسب إليه فيما بعد أبناء إخوته لشهرته ولقلة عدد ذرية إخوته كما هو الحال
5 - قد يحصل خلاف داخلي بين القبيلة الواحدة يُلجئ أغلب القبيلة إلى طرد القسم الآخر من نفس القبيلة، مما يجعلها تنتقل عن المكان وتحالف كياناً آخر، وهذا الخلاف قد يحصل لأسباب كثيرة، إما لسبب دم أو مصاهرة لقبيلة أقل منهم شأناً، أو امتهان بعضهم لمهنة أقل مما اعتادوا عليه، أو شحناء أو غير ذلك.
كما أن القسمين قد يكونان متقاربين في العدد والقوة، وقد يكونان غير متكافئين، بل قد يحصل أن رجلاً واحداً فقط تغضب عليه قبيلته، فيخرج منها لسبب من الأسباب السابقة، أو غيرها فيدخل في قبيلة أخرى، فيكون بذلك جداً لأسرة أو عشيرة، وكتب الأوائل مليئة بأخبار الخلاف والتنازع بين أبناء القبيلة الواحدة كحرب البسوس، وداحس والغبراء ويوم البُعاث وغيرها من الأيام الشهيرة.
خلا ص ما ي يتبع مع الف سلامه